فزعة الأقليات و الحكم الإسلامي :
نحن جميعا سوريون ، تجمعنا هوية واحدة تتجاوز تصنيفات الأكثرية والأقلية ، لما بكون القانون هو الحكم العادل اللي يطبق على الجميع دون تمييز . التركيز المبالغ فيه على حماية الأقليات و ترديد هل عبارات وإثارة المخاوف حولها قد ينقلب إلى نتائج عكسية ، و يؤدي إلى الانقسام بدل من الوحدة .
و التهويل بشأن خطر حكم إسلامي أو التخويف من قمع الحريات يدفعنا إلى دوامة من القلق غير المبرر . سوريا ليست نسخة عن أي بلد آخر، لا أفغانستان و لا غيرها . في ماليزيا تجربة للحكم الإسلامي ليس فقط أفغانستان ، نحن مجتمع متفرد بتركيبته و خصوصيته ووعيه ، ولن يسمح بفرض أي شكل من أشكال قمع الحريات سواء كان تحت مسمى حكم إسلامي، علماني، أو مدني . الحرية في سوريا هي حق أصيل غير قابل للنقاش أو المساومة ، وهي حقيقة راسخة لا تحتاج إلى إثبات .
أنا لا أدافع عن فكرة الحكم الإسلامي، فأنا مع قيام دولة مدنية تحترم حقوق الجميع وتصون حرياتهم، و لست مع أي شكل من أشكال الحكم الديني. ومع ذلك لا أعيش حالة من الهلع أو الفزع تجاه احتمال قيام حكم إسلامي في المستقبل . لا داعي أن نخلط بين الإسلام من جهة والإرهاب أو الدكتاتورية من جهة ، فالمعادلة أكثر تعقيدا من التصورات السطحية.
حتى لو أفرزت الانتخابات النزيهة القادمة حكومة بتوجه إسلامي لبضع سنوات، من حقهم بأسم الحرية و الديمقراطية اللي ننادي بها أن يجربوا فرصتهم ، لكن لا يعني أننا سنتحول إلى نسخة من أفغانستان . سنعمل ليكون حكما متوازنا يتناسب مع طبيعة المجتمع السوري ، اللي لن يقبل بتجاوز الحقوق والحريات تحت أي راية .
المفروض أن يكون وعي مجتمعنا وتماسكه أكبر من أن يهتز بمخاوف من هاد النوع . نحن قادرون على التمييز بين الأيديولوجيات ، ولن نسمح لأي صيغة حكم تتعارض مع تطلعاتنا المشتركة للحرية والعدالة .
تحويل المخاوف إلى أدوات لإثارة الفوضى يخدم أجندات لا تصب في مصلحة سوريا . نحن لا نحتاج إلى اندفاع و فزعات في هل مرحلة ، فالحكومة المؤقتة هي مجرد خطوة أولى في بداية الطريق . المطلوب هو الصبر والحكمة، بعيدا عن التشنج والانفعال و الفزعات ، سواء كان باسم الأقليات، العلمانية، الإسلام، الفن. ما نحتاجه هو هدوء الفكر ورؤية عقلانية بعيدا عن العواطف و الدراما المبالغ فيها .